كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


قال المؤلف‏:‏ من خصائصه رؤيته للباري تعالى مرتين وركوب البراق في أحد القولين‏.‏

هذا لا حديث رواه الدارقطني وغيره عن أنس وزاد فيه في أحسن صورة قال المؤلف‏:‏ وهذا إن حمل على رؤية المنام فلا إشكال أو اليقظة فقد سئل عنه الكمال بن الهمام فأجاب بأن هذا حجاب الصورة اهـ‏.‏ وجاء في بعض الروايات المطعون فيها رأيت ربي في صورة شاب‏.‏ قال العارف ابن عربي‏:‏ وهو حال من النبي صلى اللّه عليه وسلم وهو في كلام العرب واعلم أن المثلية الواردة في القرآن لغوية لا عقلية لأن المثلية العقلية تستحيل عليه تعالى وتقدس وإذا وصفت موجوداً بصفة أو أكثر ثم وصفت غيره بتلك الصفة فقد ماثله من وجه وإن كان بينهما تباين من جهة حقائق أخر لكنهما مشتركان في روح تلك الصفة ومعناها فكل منهما على صورة الآخر في تلك الصفة فافهم وانظر كونك دليلاً عليه سبحانه فإذا دخلت من باب التعرية على المناظرة سلبت النقائص التي تجوز عليك عنه وإن كانت لم تقم به قط لكن المجسم والمشبه لما أضافها إليه سلب تلك الإضافة ولولاه لم يفعل ذلك اهـ‏.‏ وقال القاضي‏:‏ الحديث ورد بألفاظ منها أي صليت الليلة ما قضى لي ووضعت جنبي في المسجد فأتاني ربي في أحسن صورة وهذا لا إشكال فيه إذ الرائي قد يرى غير المشكل مشكلاً والمشكل بغير شكله ثم لم يعد ذلك تخلل في الرؤيا أو خلل في الرائي بل له أسباب أخر تذكر في علم تعبير المنامات ولولا تلك الأسباب لما افتقرت رؤية الأنبياء إلى تعبير وإن كان في اليقظة فلا بد من التعبير والتأويل فأقول صورة الشيء ما به يتميز الشيء عن غيره سواء كان عين ذاته أو جزؤه المميز كما يطلق ذلك في الجثث يطلق ذلك في المعاني فيقال صورة المسألة كذا وصورة الحال كذا فصورته تعالى ذاته المخصوصة المنزهة عن مماثلة ما عداه من الأشياء البالغة إلى أقصى مراتب الكمال‏.‏

- ‏(‏حم عن ابن عباس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ رجاله رجال الصحيح اهـ‏.‏ ومن ثمة رمز المصنف لصحته‏.‏

4378 - ‏(‏رأيت الملائكة تغسل حمزة بن عبد المطلب وحنظلة بن الراهب‏)‏ لما قتلا شهيدين بأحد قال في مسند الفردوس‏:‏ وذلك ‏[‏ص 7‏]‏ لأنهما أصيبا وهما جنبان اهـ واعلم أن الذي عليه الجمهور وهو مذهب الشافعي أن شهيد المعركة لا يغسل وأما غيره من كل مسلم فيجب غسله وإن شاهدنا الملائكة تغسله لأن المقصود من الغسل التعبد بفعلنا له فلا يسقط عنا بفعل غيرنا‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عباس‏)‏ رمز المصنف لحسنه ورواه عنه الديلمي أيضاً‏.‏

4379 - ‏(‏رأيت إبراهيم‏)‏ الخليل ‏(‏ليلة أسري بي‏)‏ من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ‏(‏فقال يا محمد أقرئ أمتك‏)‏ أي أمة الإجابة ‏(‏السلام‏)‏ مني عليهم ‏(‏وأخبرهم‏)‏ عني ‏(‏أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان‏)‏ جمع قاع وهي أرض مستوية لا بناء ولا غراس فيها ‏(‏وغراسها‏)‏ جمع غرس وهو ما يغرس والغرس إنما يصلح في التربة الطيبة وينمو بالماء العذب ‏(‏سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم‏)‏ أي أعلمهم أن هذه الكلمات تورث قائلها الجنة وأن الساعي في اكتسابها لا يضيع سعيه لأنها المغرس الذي لا يتلف ما استودع فيه قاله التوربشتي‏.‏ وقال الطيبي‏:‏ هنا إشكال لأن الحديث يدل على أن أرض الجنة خالية عن الأشجار والقصور ويدل نحو قوله تعالى ‏{‏تجري من تحتها الأنهار‏}‏ على أنها ليست خالية عنها لأنها إنما سميت جنة لأشجارها المتكاثفة والجواب أنها كانت قيعاناً ثم أوجد اللّه فيها الأشجار والقصور على حسب أعمال العاملين لكل عامل ما يختص به بحسب عمله ثم إنه تعالى لما يسر له العمل لينال به الثواب جعل كالغارس لتلك الأشجار مجازاً إطلاقاً للسبب على المسبب ولما كان سبب إيجاد اللّه الأشجار عمل العامل أسند الغرس إليه والقصد بيان طيب الجنة والتشوق إليها والحث على ملازمة قول هؤلاء الكلمات التي هي الباقيات الصالحات‏.‏ ‏(‏تتمة‏)‏ قال المؤلف‏:‏ من خصائصه اختراق السماوات والعلو إلى قاب قوسين ووطئه مكاناً ما وطئه نبي مرسل ولا ملك مقرب وإحياء الأنبياء له وصلاته إماماً بهم وبالملائكة واطلاعه على الجنة والنار‏.‏

- عد هذه البيهقي ‏(‏طب‏)‏ وكذا في الأوسط والصغير ‏(‏عن ابن مسعود‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه عبد الرحمن بن إسحاق أبو شيبة الكوفي وهو ضعيف ورواه الترمذي باختصار الحوقلة‏.‏

4380 - ‏(‏رأيت ليلة أسري بي‏)‏ أرواح الأنبياء متشكلين بصور كانوا عليها في الحياة فرأيت ‏(‏موسى رجلاً آدم‏)‏ أي أسمر ‏(‏طوالاً‏)‏ بضم الطاء وتخفيف الواو أي طويلاً ‏(‏جعداً‏)‏ أي جعد الجسم وهو اجتماعه واكتنازه لا الشعر على الأصح ‏(‏كأنه من رجال شنوءة‏[‏أي ينسبون إلى شنوءة وهو عبد اللّه بن كعب بن عبد اللّه بن مالك بن مضر بن الأزد‏.‏ ولقب به لشنآن كان بينه وبين أهله‏]‏‏)‏ أي يشبه واحداً من هذه القبيلة والشنوءة بفتح الشين التباعد بين الأدناس لقب به حي من اليمن لطهارة نسبهم وحسن سيرتهم ‏(‏ورأيت عيسى‏)‏ ابن مريم ‏(‏رجلاً مربوع الخلق‏)‏ أي بين الطول والقصر قال الطيبي‏:‏ وقوله ‏(‏إلى الحمرة‏)‏ حال أي مائلاً لونه إلى الحمرة ‏(‏والبياض‏)‏ فلم يكن شديد الحمرة والبياض ‏(‏بسط الرأس‏)‏ أي مسترسل شعر الرأس والسبوطة ضد الجعودة ‏(‏ورأيت مالكاً‏)‏ هذه رواية البخاري في بعض النسخ‏.‏ قال النووي‏:‏ وأكثر الأصول ملك بالرفع وجوابه أنه منصوب لكن سقطت الألف خطأ ‏(‏خازن النار‏)‏ نار جهنم ‏(‏و‏)‏ رأيت ‏(‏الدجال‏)‏ تمامه عند البخاري في آيات أراهنّ اللّه إياه فلا تكن في مرية من لقائه اهـ‏.‏ قيل‏:‏ وهو من كلام الراوي أدرجه دفعاً لاستبعاد السامع بدليل ‏[‏ص 8‏]‏ قوله إياه وإلا لقال إياي‏.‏

- ‏(‏حم ق عن ابن عباس‏)‏ واللفظ للبخاري‏.‏

4381 - ‏(‏رأيت جبريل‏)‏ أي على صورته التي خلق عليها قال البيهقي‏:‏ وهذا من خصائصه وفي الصحيحين أنه لم يره في الصورة التي خلق عليها إلا مرتين قال ابن تيمية‏:‏ يعني المرة التي في الأفق الأعلى والنزلة الأخرى عند سدرة المنتهى ‏(‏له ست مئة جناح‏)‏ قيل‏:‏ يجوز أن يكون أخبر به عن عدد أو عن خبر اللّه أو ملائكته وقد جاء القرآن بأجنحة الملائكة لكي يبقى الكلام في كيفيتها فسبق عن السهيلي أنها صفات ملكية لا تدرك بالعين فإنه تعالى أخبر بأنها مثنى وثلاث ورباع ولم ير لطائر ثلاثة أو أربعة أجنحة فكيف بست مئة فدلّ على أنها صفات لا تضبط بالفكر ولا ورد ببيانها خبر فيجب الإيمان بها إجمالاً واعترض بأن لفظ الطبراني يرجح أنها كالطير وقد ورد نثر الجناح بحيث يسد الأفق وهذا نصّ صريح في أن جبريل ملك موجود يرى بالعيان ويدرك بالبصر فمن زعم أنه خيال موجود في الأذهان لا العيان فقد كفر وخرج عن جميع الملل قال حجة الإسلام‏:‏ والملك له صورتان مثالية وحقيقية بل يرى بصور مختلفة في وقت واحد في مكانين لكن لا ندرك حقيقة صورته بالمشاهدة إلا بأنوار النبوة كما رأى النبي جبريل في صورته مرتين وكان يريه نفسه في غيرها كصورة آدمي وذلك لأن القلب له وجهان وجه إلى عالم الغيب وهو مدخل الإلهام والوحي ووجه إلى عالم الشهادة فالذي يظهر منه في الوجه الذي يلي جانب عالم الشهادة لا يكون إلا صورة متخيلة لأن عالم الشهادة كله متخيلات إلا أن الخيال تارة يحصل من النظر إلى ظاهر عالم الشهادة بالحس فيجوز أن لا تكون الصورة على وفق المعنى لأن عالم الشهادة كثير التلبيس أما الصورة التي تحصل في الخيال من إشراق عالم الملكوت على باطن سر القلب فلا يكون إلا محاكياً للصفة وموافقاً لها لأن الصورة في عالم الملكوت تابعة للصفة فلا جرم لا يرى المعنى الحسن إلا بصورة حسنة والقبيح بصورة قبيحة فتكون تلك الصورة عنوان المعاني ومحاكية لها بالصدق‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عباس‏)‏ هذا كالصريح في أنه لا يوجد في أحد الصحيحين وإلا لما ساغ العدول للطبراني والأمر بخلافه فقد رواه البخاري في تفسير النجم ورواه مسلم في الإيمان من حديث ابن مسعود بلفظ إن النبي رأى جبريل له ست مئة جناح وبلفظ رأى جبريل في صورته له ست مئة جناح ورواه ابن حبان بأتم من الكل ولفظه رأيت جبريل عند سدرة المنتهى وله ست مئة جناح ينثر من ريشه الدرّ والياقوت اهـ‏.‏

4382 - ‏(‏رأيت أكثر من رأيت من الملائكة معتمين‏)‏ أي على رؤوسهم أمثال العمائم من النور إذ الملائكة أجسام نورانية لا يليق لها هذه الملابس الجسمانية كما عرف مما تقرر‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن عائشة‏)‏‏.‏

4383 - ‏(‏رأيت جعفر بن أبي طالب‏)‏ هو ابن عم النبي صلى اللّه عليه وسلم الذي استشهد بمؤتة ‏(‏ملكاً‏)‏ أي على صورة ملك من الملائكة ‏(‏يطير في الجنة مع الملائكة بجناحين‏)‏ سميا جناحين لأن الطائر يجنحهما عند الطيران أي يميلهما عنده ومنه ‏{‏وإن جنحوا للسلم‏}‏ وهذا قاله لولده لما جاء الخبر بقتله وفي رواية عوّضه اللّه جناحين عن قطع يديه وذلك أنه أخذ اللواء بيمينه فقطعت فأخذه بشماله فقطعت فاحتضنه فقتل‏.‏ قال القاضي‏:‏ لما بذل نفسه في سبيل اللّه وحارب أعداءه حتى قطعت يداه ورجلاه أعطاه اللّه أجنحة روحانية يطير بها مع الملائكة ولعله رآه في المنام أو في بعض مكاشفاته اهـ‏.‏ وقال السهيلي‏:‏ ليسا كجناحي الطائر لأن الصورة الآدمية أشرف بل قوة روحانية وقد عبر القرآن عن العضو بالجناح توسعاً ‏{‏واضمم يدك إلى جناحك‏}‏ واعترض بأنه لا مانع من الحمل على الظاهر إلا من جهة المعهود ‏[‏ص 9‏]‏ وهو قياس الغائب على الشاهد وهو ضعيف‏.‏ ‏(‏تتمة‏)‏ قال في الإصابة‏:‏ كان أبو هريرة يقول‏:‏ إن جعفر أفضل الناس بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ورد عنه بسند صحيح‏.‏

- ‏(‏ت ك‏)‏ في المناقب ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ قال الحاكم‏:‏ صحيح وتعقبه الذهبي بأن فيه والد عليّ بن المديني واه اهـ‏.‏ فقال ابن حجر في الفتح‏:‏ في إسناده ضعف لكن له شاهد من حديث عليّ عند ابن سعد وعن أبي هريرة رفعه ‏"‏مر بي جعفر الليلة في ملأ من الملائكة وهو مخضب الجناحين بالدم‏"‏ خرجه الترمذي والحاكم بإسناد على شرط مسلم‏.‏

4384 - ‏(‏رأيت خديجة‏)‏ وفي رواية أبصرت ‏(‏خديجة‏)‏ بنت خويلد القرشية الأسدية زوجته ‏(‏على نهر من أنهار الجنة في بيت من القصب لا لغو فيه ولا نصب‏)‏ بفتح الصاد أي تعب وقد سبق تقريره موضحاً وهذا يحتمل رؤية اليقظة ورؤيا المنام ورؤيا الأنبياء وحي‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ وكذا في الأوسط ‏(‏عن جابر‏)‏ قال‏:‏ سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن خديجة أنها ماتت قبل أن ينزل الفرائض والأحكام فذكره‏.‏ قال الهيثمي‏:‏ رجاله رجال الصحيح غير مجالد بن سعيد وقد وثق اهـ وقد رمز المصنف لحسنه‏.‏

4385 - ‏(‏رأيت ليلة أسري بي على باب الجنة‏)‏ الظاهر أن المراد الباب الأعظم المحيط ويحتمل على كل باب من أبوابها ‏(‏مكتوباً‏)‏ وفي رواية يذهب ‏(‏الصدقة بعشر أمثالها والقرض بثمانية عشر‏)‏ وفي رواية بثماني عشر ‏(‏فقلت‏:‏ يا جبريل ما بال القرض أفضل من الصدقة قال‏:‏ لأن السائل يسأل وعنده‏)‏ أي وعنده شيء من الدنيا أي قد يكون ذلك ‏(‏والمسقترض‏)‏ أي طالب القرض ‏(‏لا يستقرض إلا من حاجة‏)‏ عرضت له ولولاها لما اقترض قال الحكيم‏:‏ معناه أن المتصدق حسب له الدرهم الواحد بعشرة فدرهم صدقة وتسعة زيادة والقرض ضوعف له فيه فدرهم قرضه والتسعة مضاعفة فهو ثمانية عشر والدرهم القرض لم يحسب له لأنه يرجع إليه فبقي التضعيف فقط وهو ثمانية عشر والصدقة لم ترجع إليه الدرهم فصارت له عشرة بما أعطى

- ‏(‏ه عن أنس‏)‏ رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد قال الحافظ العراقي‏:‏ وسنده ضعيف وأصله قول ابن الجوزي‏:‏ حديث لا يصح قال أحمد‏:‏ خالد بن يزيد أي أحد رجاله ليس بشيء وقال النسائي‏:‏ ليس بثقة‏.‏

4386 - ‏(‏رأيت عمرو بن عامر الخزاعي‏)‏ بضم المعجمة وتخفيف الزاي أحد رؤساء خزاعة الذي ولوا البيت بعد جرهم قال ابن الكلبي‏:‏ لما تفرق أهل سبأ بسبب سيل العرم نزلوا بئر مازن على ماء يقال له غسان فمن أقام به منهم فهو غساني وانخرعت منهم بنو عمرو بن يحيى عن قومهم فنزلوا مكة وما حولها فسموا خزاعة ‏(‏يجر قصبه‏)‏ بضم القاف وسكون الصاد أمعاءه ‏{‏وسقوا ماءً حميماً فقطع أمعاءهم‏}‏ كأنه كوشف بسائر من يعاقب ‏(‏في النار‏)‏ لكونه استخرج من باطنه بدعة جرّ بها الجريرة إلى قومه‏.‏ قال الزمخشري‏:‏ القصب واحد الأقصاب وهي الأمعاء ومنه القصاب لأنه يعالجها وقال ابن الأثير‏:‏ اسم للأمعاء كلها وقيل‏:‏ ما كان أسفل البطن من الأمعاء ‏(‏وكان أول من سبب السوائب‏)‏ أي أول من سنَّ عبادة الأصنام بمكة وجعل ذلك ديناً وحملهم على التقرب إليها بتسيب السوائب أي إرسالها تذهب وتجيء كيف ‏[‏ص 10‏]‏ شاءت على ما هو مقرر في كتب التفسير وغيرها ‏(‏وبحر البحيرة‏)‏‏[‏أي ووصل الوصيلة وهي الشاة إذا ولدت ثلاثة بطون أو خمسة أو سبعة فإن كان آخرها جدياً ذبحوه لبيت الآلهة وأكل منه الرجال والنساء وإن كانت عناقاً استحيوها وإن كان جدياً وعناقاً استحيوا الذكر من أجل الأنثى وقالوا‏:‏ هذه العناق وصلت أخاها فلم يذبحوهما وكان لبن الأنثى حراماً على النساء فإن مات منهما شيء أكله الرجال والنساء جميعاً، وحمى الحامي وهو الفحل من الإبل إذا لفح من صلبه عشرة أبطن قالوا‏:‏ قد حمى ظهره فلا يركب ولا يحمل عليه شيء ولا يمنع من كلأ ولا ماء فإذا مات أكله الرجال والنساء واعلم أن اللّه جعل الأنعام رفقاً بالعباد ونعمة عددها عليهم ومنفعة بالغة قال تعالى ‏{‏وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون‏}‏ فكان أهل الجاهلية يقطعون طرق الانتفاع ويذهبون نعمة اللّه فيها ويزيلون المصلحة والمنفعة التي للعباد فيها بفعلهم الخبيث والنعم كثيرة الفائدة سهلة الانقياد وليس لها شراسة الدواب ولا نفرة الدواب ولشدة حاجة الناس إليها لم يخلق اللّه لها سلاحاً شديداً كأنياب السباع وجعل من شأنها الثبات والصبر على التعب والجوع والعطش وجعل قدمها سلاحها لتأمن به ولما كان أكلها الحشيش اقتضت الحكمة الإلهية أن جعل لها أفواهاً واسعة وأسناناً حداداً وأضراساً صلاباً لتطحن به الحب والنوى‏]‏ التي يمنحونها للطواغيت ولا يحلبها أحد واستشكل ذا بقولهم لا تعذب أهل الفترة وأجيب أن هذا خبر واحد لا يعارض به القطع ويقصر التعذيب على المنصوص عليه ونحوه كصاحب المجن وأن من بلغته الدعوة ليس بأهل فترة بل أهلها الأمم الكائنة بين الرسل الذين لم يرسل إليهم الأول ولا أدركوا الثاني كالأعراب الذين لم يرسل لهم عيسى ولا أدركوا محمداً‏.‏

- ‏(‏حم ق عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

4387 - ‏(‏رأيت شياطين الإنس والجن فروا من عمر‏)‏ بن الخطاب لأن القلب إذا كان مطهراً عن مرعى الشيطان وقوته وهو الشهوات وكان له حظ من سلطان الجلال وإلهية لم يثبت لمقاومته شيء وهابه كل من رآه قال ابن عباس‏:‏ كانت درته أهيب عند الناس من سيوف غيره وكانوا إذا أرادوا أن يكلموه رفعوا إلى بنته حفصة هيبة له‏.‏

- ‏(‏عد عن عائشة‏)‏ رضي اللّه عنها‏.‏

4388 - ‏(‏رأيت‏)‏ زاد الطبراني في المنام ‏(‏كأن امرأة سوداء ثائرة‏)‏ شعر ‏(‏الرأس‏)‏ منتفشة من ثأر الشيء إذا انتشر وفي رواية أحمد ثائرة الشعر والمراد شعر الرأس ‏(‏خرجت‏)‏ في رواية أخرجت بالبناء للمجهول ولعل فاعل الإخراج النبي لتسببه فيه بدعائه ‏(‏من المدينة‏)‏ النبوية ‏(‏حتى نزلت مهيعة‏)‏‏[‏بفتح الميم وسكون الهاء بعدها تحتية مفتوحة ثم عين مهملة‏]‏ أي أرض مهيعة كعظيمة وهي الجحفة ‏(‏فتأولتها‏)‏ أي أولتها يعني فسرتها من أول الشيء تأويلاً إذا فسره بما يؤول إليه قال القاضي‏:‏ والتأويل اصطلاحاً تفسير اللفظ بما يحتمله احتمالاً غير بين ‏(‏أن وباء المدينة‏)‏ أي مرضها والوباء مرض عام يمد ويقصر ‏(‏نقل إليها‏)‏ وجه التأويل أنه شق من اسم السوداء السوء والداء فتأول خروجها بما جمع اسمها والصور في عالم الملكوت تابعة للصفة فلا جرم لا يرى المعنى القبيح إلا بصورة قبيحة كما يرى الشيطان في صورة كلب وخنزير ونحو ذلك‏.‏ قال بعضهم‏:‏ إنه يتقي شرب الماء من عين جحفة التي يقال لها عين خم فقل من شرب منها إلا حم وكان المولود يولد بالجحفة فلا يبلغ الحلم حتى تصرعه الحمى‏.‏ قال السمهودي‏:‏ والموجود من الحمى بالمدينة ليس حمى الوباء بل رحمة ربنا ودعوة نبينا التكفير‏.‏

- ‏(‏خ ت ه‏)‏ في تعبير الرؤيا ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب‏.‏

‏[‏ص 11‏]‏ 4389 - ‏(‏رؤيا المؤمن‏)‏ أي الصالح كما قيده به في الرواية الآتية فإن الرؤيا لا تكون من أجزاء النبوة إلا إذا وقعت من مؤمن صادق صالح كما في المفهم ‏(‏جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة‏)‏ أي النبوة مجموع خصال تبلغ أجزاؤها ستة وأربعين ورؤياه جزء واحد منها وفي رواية يأتي بعضها من خمسة وأربعين وسبعة وأربعين وأربعة وأربعين وسبعين وخمسين وأربعين وخمس وعشرين وستة وعشرين وستين فهذه عشر روايات أكثرها في الصحيحين ولا سبيل إلى أخذ بعضها وطرح الباقي كما قال الماوردي قال‏:‏ وأصحها وأشهرها عند المحدثين الأولى وفي الجمع بينها وجوه منها الاختلاف بمراتب الأشخاص في الكمال والنقص وما بينهما من النسب ومنها أن اختلاف العدد وقع بحسب الوقت الذي حدث فيه المصطفى صلى اللّه عليه وسلم فإنه لما أكمل ثلاث عشرة سنة بعد البعثة حدث بأنها جزء من ستة وعشرين فلما أكمل عشرين حدث بأربعين فلما أكمل ثنتين وعشرين حدث بأربعة وأربعين ثم بعد ذلك بخمسة وأربعين ثم حدث بستة وأربعين في آخر حياته ورواية الخمسين لجبر الكسر والسبعين للمبالغة ومنها أن هذه التجزئة في طرق الوحي إذ منه ما سمع من اللّه بلا واسطة ومنه بالملك ومنه بالإلهام ومنه في المنام ومنه كصلصلة الجرس وغير ذلك فتكون تلك الحالات إذا عدت غايتها إلى سبعين ومنها أن من كان في صلاحه وصدقه على رتبة كاملة يناسب كمال نبيّ من الأنبياء كانت رؤياه جزءاً من نبوة ذلك النبي صلى اللّه عليه وسلم وكمالاتهم متفاضلة فكذا نسبة مقامات العارفين واستوجهه في المفهم وعبر النبوة دون الرسالة لأن الرسالة تزيد عليها بالتبليغ بخلاف النبوة المجردة فإنها على بعض المغيبات‏.‏

- ‏(‏حم ق عن أنس حم ق د ت عن عبادة بن الصامت حم ق ه عن أبي هريرة‏)‏ وفي الباب ابن مسعود وسمرة وحذيفة وغيرهم‏.‏

4390 - ‏(‏رؤيا المسلم‏)‏ وكذا المسلمة لكن إذا كان لائقاً وإلا ففي الفتح عن القيرواني وغيره من أئمة التعبير أن المرأة إذا أرادت ما ليست له أهلاً فهو لزوجها والعبد لسيده والطفل لأبويه ‏(‏الصالح‏)‏ قيل‏:‏ المراد به من استبدل مزاجه وتفرغ خياله عن الأمور المزعجة واللذات الوهمية وقيل‏:‏ الذي يناسب حاله حال النبي صلى اللّه عليه وسلم فأكرم بنوع مما أكرم به الأنبياء وهو الإطلاع على شيء من علم الغيب ‏(‏جزء من سبعين جزءاً من النبوة‏)‏ يعني من أجزاء علم النبوة من حيث أن فيها إخباراً عن الغيب والنبوة وإن لم تبق فعلمها باق فهو من قبيل ذهبت النبوة وبقيت المبشرات أو أراد أنها كالنبوة في الحكم بالصحة لا أنها من النبوة حقيقة‏.‏

- ‏(‏ه عن أبي سعيد‏)‏ الخدري رمز المصنف لصحته‏.‏

4391 - ‏(‏رؤيا المؤمن الصالح بشرى من اللّه‏)‏ يبشره بها ‏(‏وهي جزء من خمسين جزءاً من النبوة‏)‏ بالمعنى المقرر وقد يرى الصالح بل والفاسق والكافر الرؤيا الصادقة لكن نادراً لكثرة تمكن الشيطان منه بخلاف عكسه وحينئذ فالناس ثلاثة أقسام‏:‏ الأنبياء ورؤياهم كلها صدق وقد يكون فيها ما يحتاج إلى التعبير والصالحون والأغلب على رؤياهم الصدق وقد يقع فيها ما لا يحتاج إلى التعبير ومن سواهم في رؤياهم الصدق والأضغاث وهم ثلاثة أقسام‏:‏ مستورون والغالب استواء الحال في حقهم وفسقة والغالب على رؤياهم الأضغاث ويقل فيهم الصدق وكفار ويندر في رؤياهم الصدق قاله المهلب‏.‏ قال القرطبي‏:‏ وقد وقع لبعض الكفار منامات صحيحة صادقة كمنام الملك الذي رأى سبع بقرات ومنام عاتكة عمة النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وهي كافرة ونحوه كثير لكنه قليل وقد يرى الصالح أضغاث ‏[‏ص 12‏]‏ الأحلام‏.‏

قال ابن عربي‏:‏ للرؤيا مكان ومحل وحال فحالها النوم وهو الغيبوبة عن المحسوسات الظاهرة الموجبة للراحة من التعب التي كانت عليه في اليقظة من الحركة وإن كانت في هواها والنوم قسمان قسم انتقال وفيه بعض راحة أو نيل غرض أو زيادة تعب والآخر قسم راحة فقط وهو النوم الخالص الصحيح الذي ذكر اللّه أنه جعله راحة للجوارح في حال اليقظة وجعل زمنه الليل غالباً وأما الانتقال فهو النوم الذي معه رؤيا فتنقل هذا لآلات من ظاهر الحس إلى باطنه ليرى ما تقرر في خزانة الخيال التي رفعت إليه الحواس ما أخذته من المحسوسات وما صورته القوّة المصوّرة التي هي في بعض خدم هذه الخزانة لترى النفس الناطقة ما استقر في خزانتها وما ثم في طبقات العالم من يعطي الأمر على ما هو عليه سوى الحضرة الخيالية فإنها تجمع بين ضدين وفيها تظهر الحقائق على ما هي عليه إما حال النوم أو الغيبة عن الحس بأي نوع كان وهي في النوم أتم وجوداً وأعمه لأنه للعارفين والعامة وحال الغيبة والفناء والمحو لا يكون للعامة في الإلهيات‏.‏

- ‏(‏الحكيم‏)‏ الترمذي ‏(‏طب‏)‏ وكذا في الأوسط ‏(‏عن العباس بن عبد المطلب‏)‏ رمز المصنف لصحته قال الهيثمي‏:‏ فيه إسحاق وهو مدلس وبقية رجاله ثقات‏.‏ اهـ‏.‏ ورواه أبو يعلى باللفظ المزبور لكنه قال ستين‏.‏

4392 - ‏(‏رؤيا المؤمن جزء من أربعين جزءاً من النبوة‏)‏ أي من علم النبوة زاد البخاري في رواية وما كان من النبوة فإنه لا يكذب‏.‏ اهـ‏.‏ لكن قيل‏:‏ إنها مدرجة من كلام ابن سيرين وقيل‏:‏ إنما خص هذا العدد لأن الوحي كان يأتيه على أربعين أو ستة وأربعين أو خمسين نوعاً الرؤيا نوع من ذلك وقد حاول الحليمي تعداد تلك الأنواع ‏(‏وهي على رجل طائر ما لم يحدث بها‏)‏ أي هي لا استقرار لها ما لم تعبر قال الطيبي‏:‏ التركيب من قبيل التشبيه التمثيلي شبه الرؤيا بطائر سريع الطيران علق على رجله شيء يسقط بأدنى حركة فالرؤيا مستقرة على ما يسوقه القدر إليه من التعبير ‏(‏فإذا تحدث بها سقطت‏)‏ أي إذا كانت في حكم الواقع ألهم من يتحدث بها بتأويلها على ما قدر فتقع سريعاً كما أن الطائر ينقض سريعاً ‏(‏ولا تحدث بها إلا لبيباً‏)‏ أي عاقلاً عارفاً بالتعبير لأنه إنما يخبر بحقيقة تفسيرها بأقرب ما يعلم منها وقد يكون في تفسيره بشرى لك أو موعظة ‏(‏أو حبيباً‏)‏ لأنه لا يفسرها لك إلا بما تحبه‏.‏

- ‏(‏ت عن أبي رزين‏)‏ العقيلي رمز المصنف لصحته‏.‏

4393 - ‏(‏رؤيا المؤمن‏)‏ الصحيحة المنتظمة الواقعة على شروطها ‏(‏كلام يكلم به العبد ربه في المنام‏)‏ وبه فسر بعض السلف قوله سبحانه وتعالى ‏{‏وما كان لبشر أن يكلمه اللّه إلا وحياً أو من وراء حجاب‏}‏ قال من وراء حجاب في منامه وكانت رؤيا الأنبياء وحياً وأما رؤية غيرهم فلإلقاء الشيطان فيها لا يؤمن عليها والوحي محروس بخلاف غيره ولو كانت كالوحي لم تكن غروراً وقد قص اللّه شأن الرؤيا في تنزيله فسماه حديثاً فقال‏:‏ ‏{‏ولنعلمه من تأويل الأحاديث‏}‏ ذكره الحكيم وروى الحاكم والعقيلي عن ابن عمر أن عمر لقي علياً فقال‏:‏ يا أبا الحسن الرجل يرى الرؤيا فمنها ما يصدق ومنها ما يكذب قال‏:‏ نعم سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول‏:‏ ما من عبد ولا أمة ينام فيمتلئ نوماً إلا يعرج بروحه إلى العرش فالذي يستيقظ دون العرش فتلك الرؤيا التي تكذب قال الذهبي‏:‏ هو حديث منكر ولم يصححه الحاكم‏.‏

- ‏(‏طب والضياء‏)‏ المقدسي ‏(‏عن عبادة بن الصامت‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه من لم أعرفه اهـ‏.‏ ورواه عنه أيضاً الحكيم في نوادره قال الحافظ‏:‏ وهو من روايته عن شيخه عن ابن أبي عمر وهو واه وفي سنده سعيد بن ميمون عن حمزة بن الزبير عن عبادة‏.‏

4394 - ‏(‏رباط‏)‏ بكسر ففتح مخففاً ‏(‏يوم في سبيل اللّه‏)‏ أي ملازمة المحل الذي بين المسلمين والكفار لحراسة المسلمين وإن ‏[‏ص 13‏]‏ كان وطنه خلافاً لابن التين بشرط نية الإقامة به لدفع العدو ‏(‏خير من‏)‏ النعيم الكائن في ‏(‏الدنيا وما عليها‏)‏ لو ملكه إنسان وتنعم به لأنه نعيم زائل بخلاف نعيم الآخرة فإنه باق وعبر بعليها دون فيها لما فيه من الاستولاء وهو أعم من الظرفية وأقوى وهذا دليل على أن الرباط يصدق بيوم واحد ففيه رد على مالك في قوله أقله أربعون يوماً وكثيراً ما يضاف السبيل إلى اللّه والمراد به كل عمل خالص يتقرب به إليه لكن غلب إطلاقه على الجهاد حتى صار حقيقة شرعية فيه في كثير من المواطن ‏(‏وموضع سوط أحدكم‏)‏ الذي يجاهد به العدو ‏(‏في الجنة خير من الدنيا وما عليها‏)‏ مما ذكر ‏(‏والروحة يروحها العبد في سبيل اللّه والغدوة‏)‏ أي فضلها والغدوة بالفتح المرة من الغدو وهو الخروج أول النهار إلى انتصافه والروحة المرة من الرواح وهو من الزوال إلى الغروب وأو للتقسيم لا للشك ‏(‏خير من الدنيا وما عليها‏)‏ أي ثوابها أفضل من نعيم الدنيا كلها لو ملكها إنسان بحذافيرها وتنعم بجميعها والمراد أن الروحة يحصل بها هذا الثواب وكذا الغدوة ولا يختص بالغدو والرواح من بلده أو المراد أن هذا القدر من الثواب خير من الثواب الحاصل لمن لو حصلت الدنيا كلها لأنفقها في الطاعة‏.‏

- ‏(‏حم خ‏)‏ في الجهاد ‏(‏ت عن سهل بن سعد‏)‏ الساعدي وعزاه ابن الأثير لمسلم قال المناوي‏:‏ ولعله وهم‏.‏

4395 - ‏(‏رباط يوم‏)‏ أي ثواب رباط يوم ‏(‏وليلة خير من صيام شهر وقيامه‏)‏ لا يعارضه رواية خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل لاحتمال إعلامه بالزيادة أو لاختلاف العاملين أو العمل أو الإخلاص أو الزمن ‏(‏وإن مات‏)‏ أي المرابط وإن لم يجر له ذكر لدلالة قوله ‏(‏مرابطاً‏)‏ عليه ‏(‏جرى عليه عمله‏)‏ أي أجر عمله ‏(‏الذي كان يعمله‏)‏ حال رباطه أي لا ينقطع أجره وهذه فضيلة لا يشركه فيها أحد ولا ينافيه عد جمع نحو عشرة ممن يجري عليهم ثوابهم بعد موتهم لأن المجرى على هذا ثواب عمله وثواب رباطه وأما أولئك فشيء واحد قال الطيبي‏:‏ ومعنى جري عمله عليه أن يقدر له من العمل بعد موته كما جرى منه قبل الممات ‏(‏وأجري عليه رزقه‏)‏ أي يرزق في الجنة كالشهداء ‏(‏وأمن‏)‏ بفتح فكسر وفي رواية بضم الهمزة وزيادة واو ‏(‏من الفتن‏)‏ بفتح الفاء أي فتنة القبر وروى وأمن فتاني القبر أي اللذين يفتنان المقبور وفي رواية بضمها جمع فاتن وتكون للجنس أي كل ذي فتنة أو هو من إطلاق الجمع على اثنين أو أكثر من اثنين أو على أنهم أكثر من اثنين فقد ورد ثلاثة وأربعة‏[‏وقال الشيخ ولي الدين‏:‏ المراد به مسائله منكر ونكير قال‏:‏ ويحتمل أن يكون المراد أنهما لا يجيئان إليه ولا يختبرانه بالكلية بل يكفي موته مرابطاً في سبيل اللّه شاهداً على صحة إيمانه ويحتمل أنهما يجيئان إليه لكن يأنس بهما بحيث إنهما لا يضرانه ولا يروعانه ولا يحصل له بسبب مجيئهما فتنة‏.‏ اهـ‏]‏

- ‏(‏م‏)‏ في الجهاد ‏(‏عن سلمان‏)‏‏.‏

4396 - ‏(‏رباط يوم‏)‏ واحد في سبيل اللّه ‏(‏خير من صيام شهر وقيامه‏)‏ لا يناقضه ما قيل قبله إنه خير من الدنيا وما فيها ولا ما بعده خير من ألف يوم لأن فضل اللّه مستزاد وجوده وكرمه منوال كل وقت ويمكن كون ذلك بحسب اختلاف الزمن والعمل والعامل قال القاضي‏:‏ الرباط المرابطة وهو أن يربط هؤلاء خيولهم في شفرهم وهؤلاء خيولهم في شفرهم ويكون كل منهم معد لصاحبه متربصاً لقصده ثم اتسع فيه فأطلقت على ربط الخيل واستورادها لغزو أو عدو حيث كان وكيف كان وقد يتجوز به للمقام بأرض والتوقف فيها‏.‏

هذا الحديث رواه أحمد بلفظ رباط يوم وليلة أفضل ‏[‏ص 14‏]‏ من صيام شهر وقيامه صائماً لا يفطر وقائماً لا يفتر قال أبو البقاء‏:‏ صائماً وقائماً حالان وصاحب الحال محذوف دل عليه من صيام شهر وقيامه والتقرير أن يصوم الرجل شهراً ويقومه صائماً وقائماً‏.‏

- ‏(‏حم عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص قال الهيثمي‏:‏ فيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف‏.‏

4397 - ‏(‏رباط يوم في سبيل اللّه خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل‏)‏ فجعل حسنة الجهاد بألف وأخذ البعض من تعبيره بالجمع المحلى بلام الاستغراق أن المرابط أفضل من المجاهد في المعركة وعكسه بعضهم مجيباً بأن الحديث في حق من فرض عليه الرباط وتعين بنصب الإمام قال في المطامح‏:‏ اختلف هل الأفضل الجهاد أم الرباط والحديث يدل على أن الرباط أفضل لأنه جعله الغاية التي ينتهي إليها أعمال البر والرباط بحقن دماء المسلمين والجهاد بسفك دماء المشركين فانظر ما بين الدمين حتى يصح لك أفضل العملين‏.‏

- ‏(‏ت ن ك‏)‏ في الجهاد ‏(‏عن عثمان‏)‏ بن عفان قال الحاكم‏:‏ صحيح وأقره الذهبي‏.‏

4398 - ‏(‏رباط شهر خير من صيام دهر‏)‏ فيه جواز السجع وحسن موقعه سيما إذا كان غير مقصود ولا تكلف كما هنا ‏(‏ومن مات‏)‏ حال كونه ‏(‏مرابطاً في سبيل اللّه أمن من الفزع الأكبر‏)‏ يوم القيامة ‏(‏وغدي عليه برزقه وريح من الجنة‏)‏ ببناء غدي وريح إلى المفعول ‏(‏ويجري عليه أجر المرابط‏)‏ ما دام في قبره ‏(‏حتى يبعثه اللّه‏)‏ يوم القيامة من الآمنين ‏{‏الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون‏}‏‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي الدرداء‏)‏ رمز المصنف لصحته‏.‏

4399 - ‏(‏رباط يوم في سبيل اللّه يعدل عبادة شهر أو سنة‏)‏ شك من الراوي ‏(‏صيامها وقيامها من مات مرابطاً في سبيل اللّه أعاذه اللّه من عذاب القبر وأجرى له أجر رباطه ما قامت الدنيا‏)‏ أي مدة بقائها وهذا إذا قصد بذلك حراسة الدين ونصرة الإسلام وإعلاء كلمة اللّه تعالى وإلا لم يحصل له الثواب الموعود‏.‏

- ‏(‏الحارث عن عبادة بن الصامت‏)‏ رمز المصنف لصحته وظاهر صنيع المصنف أن ذا لا يوجد مخرجاً لأحد من الستة وإلا لما عدل عنه وهو عجيب فقد عزاه الديلمي لمسلم من حديث سلمان ولعل المصنف ذهل عنه‏.‏

4400 - ‏(‏رب‏)‏ قال الولي العراقي‏:‏ فيها ست عشرة لغة ضم الراء وفتحها كلاهما مع التشديد والتخفيف والأوجه الأربعة مع تاء التأنيث ساكنة أو متحركة ومع التجرد منها فهذه اثني عشرة والضم والفتح مع سكون الباء وضم الحرفين مع التشديد والتخفيف ‏(‏أشعث‏)‏ أي ثائر الشعر مغبره قد أخذ فيه الجهد حتى أصابه الشعث وغلبته الغبرة قال القاضي‏:‏ الأشعث المغبر الرأس المتفرق الشعر وأصل التركيب هو التفرقة والانتشار ‏(‏مدفوع بالأبواب‏)‏ أي يدفع عند إرادته الدخول على الأعيان والحضور في المحافل إما باللسان أو باليد واللسان احتقاراً له فلا يترك أن يلج الباب فضلاً أن يقعد معهم ويجلس بينهم ‏(‏لو أقسم‏)‏ حلف ‏(‏على اللّه‏)‏ ليفعل شيئاً ‏(‏لأبرَّه‏)‏ أي أبرَّ قسمه وأوقع مطلوبه إكراماً له وصوناً ليمينه عن الحنث لعظم ‏[‏ص 15‏]‏ منزلته عنده أو معنى القسم الدعاء وإبراره إجابته وربّ هنا للتقليل قال في المغني‏:‏ وليست هي للتقليل دائماً خلافاً للأكثر ولا للتكثير دائماً خلافاً لابن درستويه، جمع بل للتكثير كثيراً وللتقليل قليلاً‏.‏ إنما قال المصطفى صلى اللّه عليه وسلم ذلك ليبصرك مراتب الشعث الغبر الأصفياء الأتقياء ويرغبك في طلب ما طلبوا وينشطك تقديم ما قدموا ويثبطك عن الطمع الفارغ والرجاء الكاذب ويعلمك أن الزينة إنما هي بلباس التقوى‏.‏

قال في المنن‏:‏ من الأخفياء الشعث من يجاب دعاؤه كلما دعا حتى أن بعض السوقة كان كل من دعا عليه مات لوقته وأراد جماع زوجته فقالت‏:‏ الأولاد متيقظون فقال‏:‏ أماتهم اللّه فكانوا سبعة فصلوا عليهم بكرة النهار فبلغ البرهان المتولي فأحضره وقال‏:‏ أماتك اللّه فمات وقال‏:‏ لو بقي لأمات خلقاً كثيراً‏.‏

- ‏(‏حم م‏)‏ في الرقاق ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ ولم يخرجه البخاري وفي الباب ابن عمرو وغيره‏.‏

4401 - ‏(‏رب أشعث‏)‏ أي جعد الرأس ‏(‏أغبر‏)‏ أي غير الغبار لونه لطول سفره في طاعة كحج وجهاد وزيارة رحم وكثرة عبادة ‏(‏ذي طمرين‏)‏ تثنية طمر وهو الثوب الخلق ‏(‏ينبو عنه أعين الناس‏)‏ أي ترجع وتغض عن النظر إليه احتقاراً له واستهانة به يقال نبا السيف عن الضرب إذا رجع من غير قطع، ونبا الطبع عن الشيء نفر فلم يقبله ‏(‏لو أقسم على اللّه لأبرَّه‏)‏ أي لو سأل اللّه وأقسم عليه أن يفعله لفعل ولم يخيب دعوته وذلك لأن الانكسار ورثاثة الحال والهيئة من أعظم أسباب الإجابة ومن ثم ندب ذلك في الاستسقاء قال الحسن‏:‏ احترقت أخصاص‏[‏جمع خص قال في المصباح‏:‏ الخص بيت من قصب والجمع أخصاص مثل قفل وأقفال‏]‏ بالبصرة إلا خص وسطها فقيل لصاحبها‏:‏ ما لخصك لم تحترق قال‏:‏ أقسمت على ربي أن لا يحرقه‏.‏ ورأى أبو حفص رجلاً مدهوشاً فقال‏:‏ مالك قال‏:‏ ضلّ حماري ولا أملك غيره فوقف أبو حفص وقال‏:‏ لا أخطو خطوة ما لم ترد حماره فظهر حماره فوراً قال الغزالي‏:‏ وهذا يجري لذوي الأنس وليس لغيرهم التشبه بهم وقال الجنيد‏:‏ أهل الأنس يقولون في خلوتهم أشياء هي كفر عند العامّة وفيه أن العبرة بالقلوب والأديان لا باللباس والمتاع والأبدان‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في الرقائق ‏(‏حل‏)‏ كلاهما ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ قال الحاكم‏:‏ صحيح وأقره الذهبي وأقول‏:‏ فيه عند أبي نعيم محمد بن زيد الأسلمي ضعفه النسائي وقبله وغيره‏.‏

4402 - ‏(‏رب ذي طمرين لا يؤبه به‏)‏ أي لا يبالي به ولا يلتفت إليه لحقارته ‏(‏لو أقسم على اللّه لأبرَّه‏)‏ أي لأمضاه وتمامه في رواية ابن عدي لو قال اللهم إني أسألك الجنة لأعطاه الجنة ولم يعطه من الدنيا شيئاً اهـ‏.‏ قال بعض الصوفية‏:‏ وهذه الطائفة العلية أهل الولاية الكبرى المكتسبة بالتخلق والتحقق وهم النازلون في العالم منزلة القلب في الجسد فهم تحت حكم الحق وتحت رتبة الأنبياء وفوق العامّة بالتصريف وتحتهم بالافتقار وهم أهل التسليم والأدب والعلم والعمل والانكسار والافتقار والذلة والعجز والصبر على البلاء والقيام تحت الأسباب وتجرع الغصص الموت الأحمر والأزرق والأبيض والأسود وأهل الهمة والدعوة والخفاء والظهور والإلهام والتقييد والإطلاق وحفظ حقوق المراتب والأسباب وأهل القدم الراسخ النافذ في كل شيء وهم أتباع المصطفى صلى اللّه عليه وسلم وورثته ونوّابه وحفظته ووكلاؤه وأهل الحشر والنشر والحساب والوزن والمشي على الصراط كما يمشي عليه أدنى المؤمنين فهم المجهولون عند غالب الناس في الدارين لعدم ظهورهم في الدنيا بشيء من صفات السادة وهم الذين لا يحزنهم الفزع الأكبر أهل الثبات عند كشف الساق في المحشر وهم المطلعون على جريان الأقدار وسريانها في الخلق وهم العبيد اختياراً سادة اضطراراً المكاشفون بعلم دهر الدهور من الأبد إلى الأزل في نفس واحد فكما تنزل الحق تعالى بإخباره لنا أنه ينزل إلى سماء الدنيا ليعلمنا التواضع مع بعضنا فكذا هم يتنزلون مع العامّة بقدر أفهامهم اهـ‏.‏ وفيه إيماء إلى مدح الخمول وقيل‏:‏ الاقتصار على الخمول أدعى ‏[‏ص 16‏]‏ إلى السلامة ورب حقير أعظم قدراً عند اللّه من كثير من عظماء الدنيا والناس إنما اطلاعهم على ظواهر الأحوال ولا علم لهم بالخفيات وإنما الذي يعتبر عند اللّه خلوص الضمائر وتقوى القلوب وعلمهم من ذلك بمعزل فينبغي أن لا يتجرأ أحد على أحد استهزاء بمن تقتحمه عينه إذا رآه رث الحال وذا عاهة في بدنه أو غير لين في محادثته فلعله أخلص ضميراً وأتقى قلباً منه فيظلم نفسه بتحقير من وقره اللّه والاستهانة بمن عظمه اللّه وقد بلغ السلف إفراط توقيهم وتصونهم إلى أن قال عمرو بن شرحبيل‏:‏ لو رأيت رجلاً يرضع عنزاً فضحكت منه خشيت أن أصنع مثل الذي فعله ذكره الزمخشري‏.‏

قال بعض العارفين‏:‏ لا تحقر أحداً من خلق اللّه فإنه تعالى ما احتقره حين خلقه فلا يكون اللّه يظهر العناية بإيجاد من أوجده من عدم وتأتي أنت تحتقره فإن ذلك احتقار بمن أوجده وهو من أكبر الكبائر‏.‏

- ‏(‏البزار‏)‏ في مسنده ‏(‏عن ابن مسعود‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ رجاله رجال الصحيح غير جارية بن هرم وقد وثقه ابن حبان على ضعفه‏.‏

4404 - ‏(‏رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع‏)‏ قال الغزالي‏:‏ قيل هو الذي يفطر على حرام أو من يفطر على لحوم الناس بالغيبة أو من لا يحفظ جوارحه عن الآثام ‏(‏ورب قائم‏)‏ أي متهجد في الأسحار ‏(‏ليس له من قيامه إلا السهر‏)‏ كالصلاة في الدار المغصوبة وأداها بغير جماعة لغير عذر فإنها تسقط القضاء ولا يترتب عليها الثواب ذكره الطيبي‏.‏

- ‏(‏ه عن أبي هريرة‏)‏ ورواه عنه أيضاً النسائي‏.‏

4405 - ‏(‏رب قائم حظه من قيامه السهر ورب صائم من صيامه الجوع والعطش‏)‏ بمعنى أنه لا ثواب فيه لفقد شرط حصوله وهو الإخلاص أو الخشوع أو المراد لا يثاب إلا على ما عمل بقلبه وفي خبر مرَّ ‏"‏ليس للمرء من صلاته إلا ما عقل‏"‏ وأما الفرض فيسقط والذمة تبرأ بعمل الجوارح فلا يعاقب عقاب ترك العبادة بل يعاتب أشد عتاب حيث لم يرغب فيما عند ربه من الثواب‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب ‏(‏حم ك هق عن أبي هريرة‏)‏ قال الحافظ العراقي‏:‏ إسناده حسن وقال تلميذه الهيثمي‏:‏ رجاله موثوقون‏.‏

4403 - ‏(‏رب طاعم شاكر‏)‏ للّه تعالى على ما رزقه ‏(‏أعظم أجراً من صائم صابر على ألم الجوع وفقد المألوف فالشاكر الذي تكامل شكره أعظم أجراً من الصابر فإن أول مقامه أنه صبر عن الطغيان بالنعمة ثم شكر المنعم برؤيتها منه وشكر النعمة حيث لم يستعز بها على معصية والصائم الصابر له مجرد الصبر وهذا من أقوى حجج من فضل الغني الشاكر على الفقير الصابر‏.‏

- ‏(‏القضاعي‏)‏ في مسند الشهاب ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ وفي الباب عن غيره أيضاً‏.‏

4406 - ‏(‏رب عذق‏)‏ بفتح العين وسكون الذال بضبط المصنف النخلة وبالكسر العرجون بما فيه ‏(‏مذلل‏)‏ بضم أوله والتشديد بضبط المصنف أي مسهل على من يجتني من التمر ويروى مدلى ‏(‏لابن الدحداحة‏)‏ ويقال ابن الدحداح بفتح الدالين المهملتين وسكون الحاء المهملة بينهما صحابي أنصاري لا يعرف إلا بأبيه مات في حياة المصطفى صلى اللّه عليه وسلم فصلى عليه ‏(‏في الجنة‏)‏ مكافأة له على كونه تصدق بحائطه المشتمل على ست مئة نخلة لما سمع قوله سبحانه وتعالى ‏{‏من ذا الذي يقرض اللّه قرضاً حسناً‏}‏‏.‏

- ‏(‏ابن سعد‏)‏ في الطبقات ‏(‏عن ابن مسعود‏)‏ قال‏:‏ لما نزل ‏{‏من ذا الذي يقرض اللّه‏}‏ الآية‏.‏ قال ابن الدحداح‏:‏ يا رسول اللّه استقرضنا ربنا قال‏:‏ نعم قال‏:‏ فإني أقرضته حائطاً فيه ست مئة نخلة فذكره قال الهيثمي‏:‏ رواه البزار وفيه حميد بن عطاء الأعرج ‏[‏ص 17‏]‏ ضعيف والطبراني في الأوسط وفيه إسماعيل بن قيس ضعيف اهـ‏.‏ وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجاً لأحد من الستة وهو ذهول عجيب وغفول غريب فقد خرجه الإمام مسلم عن بدار عن غندر عن سعيد عن سماك عن جابر بن سمرة يرفعه‏.‏

4407 - ‏(‏رب عابد جاهل‏)‏ أي يعبد اللّه على جهل فيسخط الرحمن ويضحك الشيطان وهذا مضرته في الآخرة أعظم من غير المتعبد ‏(‏ورب عالم فاجر‏)‏ أي فاسق فعلمه وبال عليه ‏(‏فاحذروا الجهال من العباد‏)‏ بالتشديد جمع عابد ‏(‏والفجار من العلماء‏)‏ أي احترزوا عن الاعتزاز بتلبيساتهم فإن شرهم أعظم على الدين من شر الشياطين إذ الشياطين بسببهم تتدرع إلى انتزاع الدين من قلوب الخلق‏.‏

- ‏(‏عد فر‏)‏ وكذا أبو نعيم ‏(‏عن أبي أمامة‏)‏ وقضية صنيع المصنف أن ابن عدي خرجه وأقره والأمر بخلافه فإنه ذكر أن بشراً الأنصاري أحد رواته وضاع وساق له أحاديث هذا منها ونقله عنه في الميزان كذلك فاقتصار المصنف على العزو له من سوء التصرف‏.‏

4408 - ‏(‏رب معلم حروف أبي جاد دارس في النجوم‏)‏ أي يتلو علمها ويقرر درسها ‏(‏ليس له عند اللّه خلاق‏)‏ أي حظ ولا نصيب ‏(‏يوم القيامة‏)‏ الذي هو يوم الجزاء وأعطى كل ذي حظ حظه لانشغاله بما فيه اقتحام خطر وخوض جهالة وأقل أحواله أنه خوض في فضول لا يعني وتضييع للعمر الذي هو أنفس بضاعة الإنسان بغير فائدة وذلك غاية الخسران وهذا محمول على علم التأثير لا التسيير كما سلف ويجيء جمعاً بين الأدلة وقد ورد النهي عن تعليم الصبيان حروف أبي جاد وذكر أنها من هجاء جاد والنهي للكرامة لا للتحريم إذ لا ضرورة في تعلمها وعن ابن عباس أن أول كتاب أنزل من السماء أبو جاد‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ وكذا الديلمي ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه خالد بن يزيد العمي وهو كذاب ورواه عنه أيضاً حميدة بن زنجويه بلفظ رب ناظر في النجوم ومتعلم حروف أبي جاد ليس له عند اللّه خلاق‏.‏

4409 - ‏(‏رب حامل فقه غير فقيه‏)‏ أي غير مستنبط علم الأحكام من طريق الاستدلال بل يحمل الرواية من غير أن يكون له استدلال واستنتج منه ذكره في القواطع ‏(‏ومن لم ينفعه علمه ضره‏)‏ وفي رواية غره ‏(‏جهله اقرأ القرآن ما نهاك فإن لم ينهك فلست تقرؤه‏)‏ قال الذهبي‏:‏ إشارة إلى أن الفهوم تتفاضل وإذا رأيت فقيهاً خالف حديثاً أورده عليك أو حرف معناه فلا تبادر إلى تضليله ولهذا قال علي كرّم اللّه وجهه لمن قال له أطلحة والزبير كانا على باطل‏:‏ يا هذا إنه ملبوس عليك إن الحق لا يعرف بالرجال اعرف الحق تعرف أهله‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص قال المنذري‏:‏ وفيه شهر بن حوشب‏.‏

4410 - ‏(‏ربيع أمتي العنب والبطيخ‏)‏ جعلهما ربيعاً للأبدان لأن الإنسان يرتاح لأكلهما ويميل إليه فيربو نفعهما في البدن وينمو به ويظهر حسنه كما أن الربيع إظهار آثار رحمة اللّه وإحياء الأرض بعد موتها وفيه فضل العنب والبطيخ وهل ‏[‏ص 18‏]‏ الأفضل البطيخ أو العنب‏؟‏ فيه خلاف والأكثرين على تفضيل الثاني والأولى أكلهما معاً ليكسر حر هذا برد هذا وبرد هذا حر هذا‏.‏

- ‏(‏أبو عبد الرحمن السلمي‏)‏ الصوفي ‏(‏في كتاب الأطعمة وأبو عمرو النوقاني‏)‏ بفتح النون وسكون الواو وفتح القاف وبعد الألف نون نسبة إلى نوقان إحدى مدينتي طوس ‏(‏في كتاب البطيخ فر‏)‏ وكذا العقيلي في الضعفاء ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب وفيه عندهما محمد بن أحمد بن مهدي قال الذهبي في الضعفاء‏:‏ قال الدارقطني‏:‏ ضعيف جداً عن محمد بن ضوء قال ابن حبان‏:‏ لا يجوز الاحتجاج به كذاب متهتك بالخمرة والفجور عن عطاف بن خالد قال ابن معين‏:‏ لا بأس به وقال أبو حاتم‏:‏ ليس بذلك وقال الحاكم‏:‏ ليس بمتين غمزه مالك وسبق أن السلمي وضاع ولهذا أورد ابن الجوزي الحديث في الموضوعات وسكت عليه المؤلف في مختصرها‏.‏

4411- ‏(‏رجب شهر اللّه وشعبان شهري ورمضان شهر أمتي‏)‏ إضافة الشهر إلى اللّه يدل على شرفه وفضله ومعنى الإضافة الإشارة إلى أن تحريمه من فعل اللّه ليس لأحد تبديله كما كانت الجاهلية يحللونه ويحرمون مكانه صفر وأخذ بقضيته بعض الشافعية فذهب إلى أن رجب أفضل الأشهر الحرم قال ابن رجب وغيره‏:‏ وهو مردود والأصح أن الأفضل بعد رمضان المحرم ولرجب سبعة عشر اسماً سردها إلى رجب وغيره وله أحكام معروفة أفردت بالتأليف‏.‏